
غريبة تلك الحياة.... غريبة بكل معانيها وبكل صورها..و أصعب مافي الحياة فراق الأحبة .. نعم فراق الأهل وفراق الأحبة ...لن أستطيع أن أنساه أبداً أبداً فقد كان معلمي في مدرسة الحياة...كان قلبا حنونا ..كان رجلاً شهاما ذو أخلاق عالية ...ولكن!!
في ذلك اليوم الذي استيقذت به من النوم ..وجدته جالساً بوحده مغلقاً الاضاءة ..مررت من أمامه و إذا به ليس كعاته لم ينظر لي ولم يبح بأية كلمة حدقت بوجهه فلم يعر لي أي اهتمام.. أكملت طريقي إلى المطبخ لأشرب قهوتي ..خرجت و إذا بباب المنزل مفتوح وهو بالخارج ينظر إلى السماء..وربما كان يعلم بأن ملك الموت سيقبض روحه في اليوم نفسه....!!
تلك هي آخر مرة رأيته فيه قبل وفاته .....
إليك يا أبي .. إليك يأ أباً بمعنى الكلمة ...إليك مدرستي في الحياة .. يا قدوتي .. يا سندي في الحياة ... فراقك صعب :( و الحياة بدونك صعبة .. لقد ودعت الحياة وركبت مركبة الحياة الآخرة ... تركتني في هذه الحياة التافهه بكل معانيها ... الحياة بدونك يا أبي كريهة .. أكره نظرة الناس المليئة بالشفقة لي .. و أحب و أفتخر بك أباً و سأظل أحمل أسمك و أصرخ بأعلى صوت (انني ابنتك ) لقد كنت معلمي بالحياة و لطالما علمتني دروسا من مدرسة الحياة .. لطالما نصحتني بالأخلاق و القيم و عدت إلى تلك المدرسة لأتعلم آخر درس بالحياة فوجدت المدرسة أغلقت أبوابها باحكام و أنتهى المعلم من تعليم طالبته ...
قلتها لي و لازلت الكلمة تتردد في ذهني (يبه أنا أفتخر فيج .. الناس تسألني هذي بنتك أقولهم إي...انتي رافعة راسي) آآآآآآآآآه يا أبي كلماتك هذه لم تفارقني و كلما تذكرتها تنسال دموعي بحرارة ... وسأجعلك ترتاح في قبرك يا حبيبي ولن أنساك بالدعاء دائما و سأكمل مشواري القانوني لأصل لأعلى المناصب باذنه تعالي تلك هي وصيتك يا أبي سأنفذها ...
تمنيت يا أبي
أن ترى ابنتك زوجة ووصيت والدتي بذلك ... وكأنك على يقين يا أبي بأن ابنتك معذبة بالحب .. معذبة بذلك الشخص الذي طالما كنت أتحدث عنه لك .. كنت تعرفه يا أبي و تعرف من هو ومن يكون..صمتك كان سيد الموقف يومها.... كنت أخفي مشاعر الحب بداخلي و أنا أتحدث .. لكنك كنت تحدق بي ساعات وساعات وكأنك تعلم بأن قلب ابنتك المدللة معلقاً ومعصراً به.... كنت تراني دائما و كأنني طفلة .. تخاف علي من كل شيء ...وقبل رحيلك من الدنيا جعلت ذلك الشخص من ضمن وصيتك لابنتك ......
آآآآه يا أبي اوصيت بي قبل وفاتك ....لم تكن مجرد أب صدقني .. كنت قريبا مني .. كنت مصدر قوتي في الحياة .. ولن أجد بعدك شخصا بمثل أخلاقك وصفاتك ونبلك وكرمك .. صدقني يا أبي ذلك الشخص الذي سيعيش معي باسم ( زوج) .. ولو كتب الله عزوجل لي نصيب مع من اوصيت به .. من أحببته من كل قلبي و أسميته الحب الأول و الأخير...من أجده مغرما ومجنونا بي ... صدقني يا أبي لن يكون بمثلك ... فأنت واحد يا أبي لن يأتي بعدك شخص بمثل صفاتك و أخلاقك .... احب ذلك الشخص نعم... تمنيته زوج المستقبل ونصيبي نعم.... يتقطع قلبي و ينعصر فؤادي بفراقه نعم.... ولكن... لا أستطيع أن أحله محلك صدقني ... انت أبي و أنا أبنتك و سأظل أحمل أسمك و أفتخر بك دائماُ و أبداُ ...فما فائدة فرحي بدونك!!
أسأل الله عزوجل أن يدخلك فسيح جناته يااارب ....
فاللهم أبدل أبي دارا خيرا من داره و أهلا خيرا من اهله ...و أدخله الجنة و أعذه من عذاب القبر و عذاب النار
اللهم آنس أبي في وحدته و في غربته وفي وحشته ... اللهم انضر إليه نضرة رضا فإن من تنظر إليه نظرة رضا لا تعذبه أبدا ...
اللهم ارحمنا اذا بلغت التراقي وقيل من راق وتأكدت فجيعة الفراق للأهل والفراق وقد حَمً القضاء فليس من واق .....